أكدت أن حياة مليون ونصف المليون فلسطيني مهددةٌ
[ 20/01/2010 - 03:50 م ] |
|
جانب من المؤتمر الصحفي |
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام
عقدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) اليوم الأربعاء (20-1) مؤتمرًا صحفيًّا موسعًا حضره ممثلون عن معظم منظمات "الأمم المتحدة" والمنظمات الدولية العاملة في قطاع غزة. |
وقال الدكتور محمود ضاهر مدير مكتب الصحة العالمية في غزة إن المؤتمر الصحفي جاء للوقوف على الوضع الصحي داخل غزة ومدى تأثير الحصار فيه، كذلك رؤية مدى تأثير الحرب الصهيونية الشرسة التي شنتها قوات الاحتلال الصهيوني في غزة السنة الماضية.
غزة تتعرَّض لخطر شديد
وفي كلمةٍ له أشار "ماكس غيلرد" منسق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، إلى أن كافة مؤسَّسات "الأمم المتحدة" قلقة بشأن الوضع في قطاع غزة، لافتًا إلى أن وضع غزة لا يشبه كارثة هاييتي؛ لأن ما يحدث بغزة هو من صنع الإنسان "أي الاحتلال الصهيوني"، وأن ذلك يجب أن يتوقف كي يعيش أهالي قطاع غزة بكرامة كباقي سكان العالم.
وأكد أن الإغلاق المستمر لقطاع غزة يقوِّض عمل نظام الرعاية الصحية ويعرِّض صحة مليون ونصف المليون فلسطيني في غزة للخطر، ويسبِّب تدهورًا مستمرًّا في المحددات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للصحة، ويعوق إتاحة الإمدادات الطبية وتدريب العاملين في الصحة، ويمنع المرضى الذين يعانون من ظروفٍ طبيةٍ خطيرةٍ من الحصول على علاجٍ متخصصٍ خارج غزة في الوقت المناسب.
وأضاف "غيلرد" قائلاً: "الاقتصاد الفلسطيني يعاني من انهيارٍ فعليٍّ مع البطالة والفقر المتزايدَيْن اللذَيْن سيكون لهما تأثيرات ضارة طويلة الأجل في الصحة البدنية والعقلية للسكان، كما تتدهور البيئة؛ بما في ذلك نوعية المياه والتخلُّص من الصرف الصحي والنفايات وغيرها من المخاطر البيئية التي تشمل الذخيرة والنفايات الصلبة التي قد تؤدي إلى آثار طويلة المدى في الصحة؛ حيث يعيش في غزة أكثر من 750 ألف طفل"، مشددًا على أن المنظمات الإنسانية تشعر بقلقٍ بالغٍ حول مستقبل هذا الجيل الذي لا تُلبَّى احتياجاته الصحية.
وأكد أن النقص في مواد البناء الناتج من الحصار الصهيوني يؤثر في المنشآت الطبية الأساسية، وأنه لم ينجز قسم الجراحة الجديد في "مستشفى الشفاء" بغزة منذ عام 2006، ولم يُعَد بناء المستشفيات ومنشآت الرعاية الصحية الرئيسية التي تضرَّرت أثناء الهجوم العسكري "الرصاص المصبوب"؛ لأنه لا يُسمح بدخول مواد البناء غزةَ، مضيفًا أن الهجوم الصهيوني العسكري على غزة ألحق أضرارًا بـ15 مستشفى من بين 27 مستشفى، كما تم تدمير 43 منشأة رعاية صحية أولية من بين 110 منشآت.
صعوبة إدخال المعدات الطبية
وشدد على صعوبة إدخال الكثير من المعدات الطبية الأساسية للمستشفيات، في القطاع مثل معدات الأشعة السينية، والأجهزة الإلكترونية، وكثيرًا ما يفتقر العاملون في العيادات إلى المعدات الطبية التي يحتاجونها، وكثيرًا ما تكون الأجهزة الطبية معطلة أو ينقصها قطع غيار، مؤكدًا في ذات الوقت أن العاملين في القطاع الصحي أصبحوا معزولين عن العالم، ومنذ 2006 أصبح في مقدور عددٍ قليلٍ جدًّا من الأطباء أو الممرضات أو الفنيين مغادرة القطاع لتلقي التدريب الضروري لتحديث مهاراتهم الطبية أو لتعلم تقنيات جديدة، ويحد هذا بشدة من قدرتهم على تقديم رعاية صحية ذات جودة.
وأكد "غيلرد" أن الكثير من أساليب الرعاية الصحية المتخصصة غير موجودة في غزة، مثل جراحات القلب، وأنواع معينة من السرطان، ويُحال المرضى لتلقِّي العلاج في الخارج، وترفض السلطات الصهيونية وتؤجِّل خروج الكثير من المرضى الذين تقدَّموا بطلبات للحصول على تصاريح خروج، وضيَّعت عليهم مواعيدهم ولقي البعض حتفهم وهم ينتظرون إحالتهم إلى الخارج.
فتح المعابر
أما رئيس مكتب "منظمة الصحة العالمية" في الضفة الغربية وقطاع غزة "توني لورانس" فقد أشار إلى أنه لا يمكن الإبقاء على نظام فعال للرعاية الصحية في معزل عن المجتمع الدولي، لأن الحدود المفتوحة ضرورية لضمان صحة مليون ونصف المليون فلسطيني في غزة على قيد الحياة.
وأضاف أن "قطاع غزة يتمتع بجهاز طبي جيد قام بالتدرب في العديد من دول العالم، ولكن تنقصه الإمكانيات".
وتابع لورانس قائلاً: "المنظمات الإنسانية تعتقد أن القطاع الصحي سيواجه مشكلات خطيرة في التعامل مع حالة طوارئ أخرى في حجم الهجوم العسكري الصهيوني على غزة في العام الماضي، وعلى حكومة الاحتلال واجب قانوني لضمان حقوق سكان غزة الصحية، وتطالب المنظمات الإنسانية بإعادة فتح المعابر إلى غزة".
وأشار لورانس إلى أن المشاكل في غزة واضحة، وأنه "إذا لم نستطع إدخال مواد صيانة وأجهزة لا يمكن للجهاز الصحي أن يعمل، وسيعود بالسلب على المرضى الفلسطينيين؛ لأن الأطباء لا يمكنهم العمل في هذه الأوضاع المأساوية الصعبة في غزة".
ونوَّه أن الاحتلال يقوم بمنع معظم الفلسطينيين من السفر لتلقي العلاج في الخارج، وقال: "لو حدث ذلك في بلدي بريطانيا أو الاحتلال أو أية دولة ستجد ذلك منشورًا في كافة عناوين الصحف الكبيرة".
رفع الحصار الصهيوني
بينما أشارت "أندريا بيكر" ممثلة المنظمات العاملة في فلسطين "مجموعة آيدا" إلى التزام المنظمات الدولية على المدى الطويل بالعمل في فلسطين، لافتة إلى أن هناك حاجة إلى التطوير في أداء العمل الصحي في غزة، وأنه بدون التطوير ستكون الأوضاع الصحية غير سليمة.
وأكدت أن المنظمات الدولية حاولت منذ انتهاء الحرب حل المشاكل القائمة في غزة، ولكن الإغلاق جعل الأمور صعبة للغاية؛ لأن القطاع يعتمد على الدعم الإنساني ويواجه صعوبة في الحصول على الأجهزة وفي خروج المرضى للعلاج، مشددةً في ذات الوقت على أن الجميع يحاول معالجة أعراض المشكلة دون التطرُّق إلى المشكلة الأساسية التي تتمثل في الحصار المفروض على غزة منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات.
وأشار بيكر إلى أن هناك العديد من الصعوبات القائمة؛ فهناك مستشفيات لا يوجد بها "أسانسير"، وتساءلت: "كيف يمكن لهذه المستشفى نقل المرضى؟!"، مضيفة أن المحددات الاجتماعية للصحة غير جيدة، وأن أكثر من 80% من الناس بغزة تحت خط الفقر.
وطالبت ممثلة المنظمات الدولية العاملة في غزة برفع الحصار الصهيوني القاسي عن قطاع غزة فورًا، وأن يحصل الإنسان الفلسطيني على رعاية صحية جيدة.
قصة المواطنة فداء
ولاستعراض مدى خطورة منع الاحتلال معظم المرضى من مغادرة القطاع لتلقي العلاج، قصَّت المواطنة أمل حجي خلال المؤتمر الصحفي الذي تعقده وكالة الغوث ومنظمات "الأمم المتحدة" قصة بنت أخيها فداء طلال حجي، وقالت: "فداء تبلغ من العمر 19 عامًا، وقد تم تشخيص حالتها المرضية في عام 2007 على أنها مصابة بسرطان الغدد اللمفاوية (داء هودجكن)، وكانت تتلقى العلاج في "مستشفى الشفاء" بغزة، ولكن صحتها تدهورت وتم إخبارها أنها بحاجةٍ إلى عملية زراعة نخاع عظمي، وإمكانيات هذه العملية غير متوفرة في غزة، فقام الأطباء المتابعون لحالتها بإحالتها إلى العلاج في مستشفى "تل هشومير" في الكيان الصهيوني بتاريخ 20 آب (أغسطس) 2009 وتم تحديد تاريخ 23 أيلول (سبتمبر) 2009 موعدًا لإجراء عميلة الزراعة لها بالمستشفى".
وتابعت حجي: "بعد ذلك قام مكتب الاتصال بتقديم طلب من أجل فداء لتمر عبر معبر "إيريز" في تاريخ موعد العملية، ولكن السلطات الصهيونية لم ترد على طلبها، وبذلك فقدت موعد الحجز لها في المستشفى، وقامت بعدها بالحصول على موعد جديد، وتم تحديد 20 تشرين الأول (أكتوبر) 2009 ليكون موعدًا آخر، وتم تقديم طلب آخر لعبور "إيريز"، ولكنها لم تحصل على رد من الاحتلال، وظروفها الصحية تدهورت وأصبحت تتنفس عبر الأجهزة الصناعية وغير قادرة على المشي، ثم تم تحديد 9 تشرين الثاني (نوفمبر) 2009 موعدًا ثالثًا لها في مستشفى "شنايدر" في الكيان، وتقدمت بطلب عاجل للعبور ولم يصل رد، وتوفيت فداء، وبعد يوم من وفاتها تلقيت اتصالاً من الارتباط الفلسطيني يقول لي: "دولة" الاحتلال سمحت لكم بتقديم طلب رابع"!.
معدات ضرورية
وبعد كلمة أمل حجي شرح المهندس مازن العرايشي وضع المعدات الطبية في غزة؛ حيث توقفت المئات من الأجهزة؛ لعدم توفر قطع غيار لإصلاحها، مشيرًا إلى أن الحصار الصهيوني انعكس سلبًا على كفاءة المهندسين والفنيين العاملين في هذا المجال لعدم تمكنهم من الحصول على الدورات والبعثات المرتبطة بجداول زمنية محددة من قبل الشركات والجهات التي تشرف على إقامة مثل هذه الدورات لتطوير أدائهم وقدراتهم ورفع كفاءتهم.
وذكر العرايشي العديد من الأجهزة الضرورية التي تعطلت، ولم يتمكن القطاع الصحي من إصلاحها، وكان من أبرزها جهاز (MRI) متعطل منذ 13 شهرًا، وهو جهاز التنويم المغناطيسي الوحيد الموجود في وزارة الصحة، وتعطله يعني عدم تقديم الخدمة إلى عشرات المرضى يوميًّا، كذلك جهاز (CT) متعطل منذ 18 شهرًا، وهذا الجهاز يخدم مدينتي رفح وخان يونس؛ ففي البداية تعطل (Power Box) واستغرق إدخاله القطاع سبعة أشهر، وبعد تركيبه، ونتيجة لترك الجهاز، تبين عطل في "التيوب"، واستغرق إدخاله حوالي ستة أشهر، وبعد تركيب "التيوب" تبين أن هناك عطلاً آخر في (Power) بسبب ترك الجهاز مدة طويلة بدون عمل.
وذكر العديد من الأجهزة الأخرى المتعطلة عن العمل، وأشار إلى أن عدم إدخال قطع الغيار الخاصة بالمولدات من فلاتر وزيت بسبب الحصار؛ أدى إلى تعطل العديد من المصاعد، كذلك أدى النقص الحاد في المواد الخاصة بإصلاح "البويلارات"؛ ما يؤثر في عمل مغاسل المستشفيات الذي بدوره يهدد غرف العمليات.
وأكد أن استمرار الحصار سوف يؤثر سلبًا في أداء القطاع الصحي من خلال تأثر صيانة الأجهزة الطبية وملحقاتها، مطالبًا الجميع بالمساعدة في إدخال قطع الغيار للتمكن من القيام بإصلاح الأجهزة، والتخفيف من معاناة أهالي قطاع غزة.
0 comments:
Catat Ulasan